جدتي جاوزت السبعين، أخذتْ منها السنون نعمة السّمْع، وأعطتها ذاكرة قوية، فهي لا تكفُّ عن ذكر الماضي والذكريات العزيزة على نفسها.تصحو من النوم، تجلس تحت زيتونتها،
وتنادي على الدجاجات. تبذر لهن الحب، وتستمتع بالنظر إليهن، تراقب سعادتهن بالتقاط الحب.
جدتي تحب الحياة، تحكي كثيراً عن شجرة الزيتون. تقول: إنّها وُلِدتْ تحتها وإنّ أمها ماتت تحتها أيضاً.
وفي ليلة طويلة تأخّر صبحُها، هاجم المستوطنون حقلنا، جرفوا المزروعات، وهدموا ما في طريقهم، واقتربوا من بيتنا. أيقظتْنا أصواتُ الطلقات، ومحركات الجرافات التي كانت ترافقهم، و أَخذَنا أبي خارج المنزل. اختبأنا من الجرافة وطلقات البنادق، خلف لا شيء. جلسنا في العراء ننظر إلى الجيش وهو يهدم ويخرّب.
تذكّرْنا أننا نسينا جدتي في المنزل. لم نوقظْها لتهربَ معنا، ولم تكن لتسمع آلة الخراب. فاستمرت في نومها هانئة، وحين أقبل الصبح، انصرف الجنود اليهود مخلّفين المزرعة أطلالاً. لم يهدموا البيت، ولكنهم هدموا كل شيء. كان أمام أبي مهمتان صعبتان: الأولى إصلاح حظيرة الغنم، والثانية أن يشرح لجدتي أين ذهبت الزيتونة.
تواصل معنا
استقبل جديد الموقع مباشرة على بريدك.
خلاصة المواضيع | خلاصة التعليقات
تابعنا على تويتر
تابعنا على الفيسبوك